مايسطرون
2018-05-01

تعليق موجز حول “خوارق اللاشعور”


بسم الله الرحمن الرحيم – … «17» الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ «18» … – صدق الله العلي العظيم – الزمر.

من طبيعة الأبحاث (أو أحيانا الكتب) أن يسرد الكاتب معلومات ثم يطرح أفكارا ثم يصل إلى نتيجة. في كتاب “خوارق اللاشعور” يطرح المرحوم علي الوردي معلومات جيدة وأفكارا لا بأس بها ولكنه وصل إلى استنتاج خاطئ نتيجة إلى معلومات أو أفكار مغلوطة. علي الوردي كاتب مميَّز وصاحب أفكار رائدة وخارجة عن الصندوق ولكن لم يحالفه الحظ فيما وصل إليه من استنتاجات في هذا الكتاب (وربما قد بنيتُ معلومات خاطئة عن الكتاب من خلال مقدمته، ولنصبر قليلا علّنا نصل إلى نتيجة مختلفة نوافيكم بها لاحقا)، ولو كان موجودا وبانت له بعض المعلومات المستجدة لربما غير رأيه في استنتاجه. وللكاتب عذره كون الكتاب أُلِّف قبل ما يقارب سبعين سنة، واعترف أنه لا يعلم الكثير عن الفيزياء وأنه بنى أفكاره على شروحات كُتّابٍ مميزين وفلاسفة نافذين من أمثال برتراند راسل.

وسنناقش فقط جزئية مما طرح الوردي كدليل على خطأ استنتاجه في قوله “وهي على كل حال قد تظهر في غاية الوضوح لدى بعض النادرين من الناس فتجعلهم يأتون بالغرائب ويقومون بالخوارق المدهشة. إن هؤلاء كما قلنا نادرون قد قلّ ظهورهم في تاريخ العالم ولا يكاد يتجاوز عددهم في كل جيل عدد أصابع اليدين والرجلين. فمن هؤلاء النادرون أولئك الذين يمشون على النار حفاة والذين يضربون أنفسهم بالسلاح والذين يطيرون في الهواء والذين يحركون بعض الأشياء من غير أن يتقربوا منها والذين يقرأون أفكار غيرهم بجلاء والذين يتنبأون عن بعض حوادث المستقبل…”

بخصوص الطيران في الهواء (والتصديق به من ضرب الهراء) يكشف لنا الساحر المقنع سر هذه الحيلة في هذا الفيديو

وهنا ولنفس الساحر يكشف خدعة تطيير غيره في الهواء

ومنها نخلص إلى أن الطيران مجرد حيل تعتمد على بعض الخصائص الفيزيائية وليست قوى خارقة كما يظنها البعض، ومن ضمنهم المرحوم علي الوردي.

بخصوص الأسلحة وما شابه، تقوم صحيفة نيويورك (إضغط هنا) تايمز بشرح بعض التفاصيل والتي تعتمد على فن أكثر من هبات خارقة  ويمكن للبعض تعلم هذه الفنون عن طريق التدريب، هذا بالإضافة لخصائص جسدية يمتلكها الشخص.

في هذا الڤيديو يشرح الرجل الأسباب الفيزيائية للمشي على الجمر

 

ويفند فيه الخوارق أو التفكير الإيجابي. وهنا شخص آخر يشرح الموضوع بطريقة علمية أيضا

حيث يعتمد الماشون على الجمر استخدام خاصية العزل الحراري العظيمة التي يمتلكها الرماد والذي يُستخدم أيضا كعازل حراري عالي الكفاءة. ومنها نخلص أن مثل هذه الأمور غابت عن الوردي وذلك بسبب عدم معرفته للعلوم الطبيعية بما يكفي ليستطيع التمييز بين العلم والخوارق.

أما قراءة الأفكار فهذا ما يسميه المختصون بالقراءة الباردة (cold reading)، وفي هذا الڤيديو كيف يقرأ المعنيون الأفكار

 

وهذا المقال ينصح باستخدام سبع طرق للاستفادة من القراءة الباردة والذي يعتبر ضرب من العلم والفن وليس نوعا من الخوارق ويقد يتمكن المرء منه من خلال التجربة (إضغط هنا)

أما التنبؤ عن بعض حوادث المستقبل فهذا لا يختلف إطلاقا عن هراء الأبراج والذي تزداد فيه الاحتمالات بازدياد عدد البشر، ومن السهولة القول إن غدا سيموت شخص من حادث سير لأن نسبة هذه الظاهرة عالية الحدوث جدا. وقد تطرق العديد من العلماء لهذه الخاصية ومن ضمنهم كارل ساگان وريتشارد فاينمان وإسحاق أزيموڤ وغيرهم. نعم يمكن التنبؤ بالمستقبل من خلال دوال رياضية مثل وقت ودرجة الخسوف أو نسبة سقوط الأمطار أو اتجاه الرياح، وكل هذه التنبؤات تعتمد اعتمادا كليا على العلم لا على الخوارق.

أما بخصوص التحريك الذهني (Telekinesis) فهذا الڤيديو التعليمي يشرح هذه الظاهرة من منظار علمي ويفند ادعاءات المحركين الذهنيين بدليل أن هناك جوائز مالية مغرية موجودة لمن يستطع استخدام هذه القوة الخارقة بعيدا عن الإطار الذي يفرضونه على المشاهدين.

لا نريد أن نطيل، ولكن هناك تفاسير علمية لما ظنه الدكتور علي الوردي أنه من ضرب الخوارق، ووا أسفاه على سنتين أضاعهما هذا العملاق لبحث مثل هذه الظواهر واعتبارها من الخوارق؛ ولا بأس، لكل جواد كبوة، ولكن ما طرحناه هنا يخطّئ المعلومات التي بنى عليها الوردي ومنها تنسف استنتاجه الذي لم يُبْنَ على علم.

نحن نعيش وسط مجتمع عاطفي يجعل من تشجيع الأندية الرياضية دينا وأن هناك من سيرفض نقد استنتاج علي الوردي، خصوصا أولئك الذين يريدون تصديق هذا الشيء، ولكن من المؤكد أن أكثر الناس ترفض نقد أي فكر مهما كان سخيفا وبعيدا عن العلم إن كان مغلفا بالدين.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى