
من أهم الصفات التي امتاز بها مؤرخنا الكبير المرحوم الحاج جواد بن حسين الرمضان أنه كان محبّا للكتاب، عاشقا للقراءة منذ صغره ونعومة أظفاره، فقد انفتح على الكتاب وأقبل على القراءة وهو في السابعة من عمره، كما أشار هو نفسه إلى ذلك في الحوار الذي أجراه معه الأستاذ عادل الذكر الله لجريدة اليوم، والمنشور في العدد 12705 – 28 مارس 2008م حيث قال موضحا تعلّق أخيه (محمد) بالكتب، وأنه تأثر به، وأخذ يقرأ ما يقوم باقتنائه: (أحد أخواني “محمد” كان مولعا بالكتب والدوريات، وهو شاعر معروف، ومن أوائل من طبع ديوان شعر من الشباب في عام 1385هـ، وله عدة كتب، ولعدم استقراره في الوطن لم يستطع أن يحافظ على هذه الكتب، ومنذ أن كنت في السنة السابعة من عمري، وبعد أن ختمت القرآن الكريم على يد “الملا صالح بن عبد الله العامر” رحمة الله عليه، أخذت أقرأ الكتب التي يشتريها أخي محمد، من دواوين الشعراء، والأدب، والتاريخ، وكان هذا في أواخر الستينات الهجرية)
وقد بلغ به حبه للكتاب، وعشقه له، وإقباله عليه، وحرصه على اقتنائه منذ أن كان صغيرا، إلى حدّ أنه حين كان مقيما مع عائلته الكريمة في البحرين، كان يجمع ما يحصل عليه من نقود من عائلته ليوفر منه قيمة شراء كتاب، بل وصل به الأمر إلى درجة أنه كان يقوم بجمع ما يتساقط من (زري خياطة البشوت) على الفرش ويقوم ببيعه ليشتري بثمنه كتابا.
وهذا هو ما أخبرني به بنفسه حين تشرفت به ليكون أول ضيوف برنامجي الحواري (دردشة مع…) وذلك حين سألته (في بعض فصول الدردشة) عن تاريخ اهتمامه بالكتب، وإلى أي حد وصل ذلك الاهتمام، ويمكنك الوقوف على ذلك في الجزء الثاني من الدردشة وهي محملة على قناتنا في اليوتيوب.
كما أشار إلى ذلك أيضا في ص3-4 من مقدمته لتهميشه على كتاب (منتظم الدرين في تراجم أعلام الأحساء والقطيف والبحرين) لمؤلفه المرحوم (محمد بن أحمد التاجر البحراني) والذي شرفني مؤرخنا الرمضان رحمه الله بإهدائي نسخة بالكمبيوتر من الجزء الأول منه بتهميشه وتعليقه رحمه الله تعالى.
ففي مقدمته لهذا التهميش والتعليق على هذا الكتاب ذكر المؤرخ الرمضان قصة معرفته بكتاب (منتظم الدرين) من خلال قراءته عنه في كتاب (لمحات من الخليج العربي) للدكتور محمد جابر الأنصاري، وذلك بتاريخ (1390هـ) لينتقل بعدها إلى الحديث عن معرفته المبكرة بمؤلف الكتاب، فقال عن هذه المعرفة التي أشار فيها إلى ما ذكرناه من جمع ما يحصل عليه من نقود، وكذا قيامه بجمع الزري وبيعه ليشتري بثمنه بعض الكتب والمؤلفات، وذلك في ص3-4 من التقديم: (وأما معرفتي بشخصية المؤلف رحمة الله عليه وأفراد أسرته فتعود إلى سنة (1371هـ 1951م) تقريبا، وكان سني في ذلك الوقت (15) عاما، فقد كنت أقصد مكتبته التي كانت تقع قرب شارع التجار، في سكة تتفرع منه، وتؤدي إلى فريق الفاضل، ويكثر في هذه السكة جماعة (البانيان) الهندوس من الهنود، وبالقرب من سوق أو تجمع تجار اللؤلؤ المعروفين (بالطواويش) فكنت أرى شيخا وقورا هادئا، نحيف الجسم، خفيف اللحية، ويرتدي العباءة، ويعتمّ بالعمامة، منكبا وعاكفا على النظر في بعض الكتب المطبوعة أو المخطوطة إذا لم يكن عنده زبائن لشراء الكتب، كما أني أجد عنده دائما بعض رواد المكتبة، وأكثرهم كانوا من المشايخ أو الخطباء، وأتذكر أنني اشتريت منه -في بداية معرفتي بالمكتبة- كتبا صغيرة تعلم الوضوء والصلاة للناشئين، ثم اشتريت منه سلسلة من الكتيبات في تراجم وسير الأنبياء والمرسلين عليهم السلام، وهي كراسات صغيرة موجزة، وكنت أجمع وأدخر ما أحصل عليه من (خرجية أسبوعية) من الإخوان، كما كنت ألتقط وأجمع ما يتساقط من خيوط الزري الفضية من فوق حصر مشغل الإخوان وعيال العم، وأبيعها على رجل إيراني صاحب محل في شارع الشيخ عبد الله، قرب سوق المقاصيص، وأحصل على بعض النقود القليلة)
وسوق المقاصيص يعني سوق المعسرين، فكل من كان معسرا، وكانت لديه سلعة يريد بيعها توجه بها إلى هذا السوق، كما ذكر ذلك المؤرخ الرمضان لنا أثناء دردشتنا معه.
واستطرادا في الحديث أقول: لا أدري هل من اللطائف التي حدثت لمؤرخنا الرمضان، أم من المصائب التي حلت عليه رحمه الله، أنه حين أراد السفر من البحرين إلى العراق ترك مكتبته في عدة صناديق خشبية، فأرسل إليه أحد أقربائه وهو في السفر يطلب منه الاستفادة من الكتب، فظن مؤرخنا الكريم أنه يقصد الاستفادة منها من خلال القراءة فيها، فأرسل إليه بأن لا بأس من ذلك، فما كان من ذلك القريب إلا أن قام ببيعها في سوق المقاصيص والانتفاع بثمنها، وهذه أيضا مما حدثني بها المؤرخ الرمضان رحمه الله في الدردشة.
كما حدثني عن مصيبة أخرى وذلك أنه حين أراد الرجوع من سوريا إلى الأحساء بعد أن أقام فيها قرابة العشر سنوات، كون خلالها مكتبة ضخمة وتحوي الكثير من النوادر والمخطوطات، أرسل المكتبة من سوريا إلى الأحساء، فاستغلها أحد باعة (الفلافل) بأخذ أوراق الكتب ولفّ الفلافل فيها حين بيعه على الزبائن، وهي أيضا حادثة لا أدري إن كانت مؤلمة أو لطيفة، وأيضا ذكرها المؤرخ بالتفصيل في دردشتنا معه.
وبالعودة إلى الموضوع، فكما رأينا فقد كان المؤرخ الرمضان مهتما باقتناء الكتب منذ صغره حينما كان في البحرين، وأما أول كتاب قام بشرائه من حرّ ماله حينما كان في الأحساء، فهو (ديوان الشريف الرضي) كما أشار إلى ذلك في حواره مع عادر الذكر الله الذي سبقت الإشارة إليه، حيث قال رحمه الله: (أول كتاب اشتريته -بعد أن جمعت مصروفي- هو كتاب “ديوان الشريف الرضي، بسبعة ريالات، وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت، وكتاب آخر هو “مدامع العشاق” لزكي مبارك، من مكتبة التعاون الثقافي، عام 1367هـ، وتعلّقت بكتب كثيرة، منها كتاب “الأدب العربي” لأحمد حسن الزيات، قرأته خمس مرات تقريبا، وكتب المنفلوطي، وهي عبارة عن سلسلة تتكون من عدة روايات، قرأتها في سن الثالثة عشرة، وكان ذلك في البحرين)
وكما هو واضح أن عادة جمع المصروف بقصد شراء الكتب كانت عنده في الأحساء والبحرين على حد سواء، وقد دردشنا معه حول هذا الموضوع، وعن مدى فهمه لديوان الشريف الرضي وهو بذلك العمر الصغير، وكذا عن سر اهتمامه بكتاب (الأدب العربي) للزيات إلى حد أن قرأه خمس مرات في برنامج (دردشة مع)
وهذا الانفتاح المبكر على الكتاب، والارتباط به منذ الطفولة، هو الذي صنع منه مؤرخا كبيرا، جعله يكون رحمه الله صاحب الفضل الأكبر على دول الخليج العربي عموما، ومثلثها الخليجي المتمثل في الأحساء والبحرين والقطيف خصوصا، إذ نذر نفسه، وسخر كل طاقاته وإمكاناته في البحث عن تراثها، وترجمة رجالها، والتعريف بمعالمها…فقدم بذلك خدمة جليلة وعظيمة جدا في حفظ هذا الإرث العظيم عن هذه المناطق المهمة من العالم، ولو قدّر لمؤلفاته أن تطبع في زمان تأليفها لكانت من أهم المصادر في التعريف بأعلام هذه المنطقة من علماء وأدباء ووجهاء، بل لو تم طبعها في عصرنا الحاضر (وهو ما نأمل أن يتحقق) لما فقدت شيئا من تلك القيمة والأهمية، بغض النظر عما يمكن أن يكون فيها من أسلوب قد لا يتناسب مع التطور الذي وصلنا إليه، إذ لا شك أن المؤرخ قد كتبها بأسلوب عصره.
وقد كانت بداية اهتمامه بالبحث والكتابة في تاريخ المنطقة عام 1390هـ، كما ذكر ذلك لنا معه في الدردشة، وكما أشار إليه في حوار أجرته معه الأديبة الأستاذة اعتدال الذكر الله، وهو منشور في العدد 10516 الصادر يوم الأحد 17 محرم 1423هـ 21 مارس 2002م، والذي نقله الصديق العزيز الأستاذ زهير المحمد علي في ص103-106 من كتابه (اعتدال: السيرة والمسيرة) حيث قال رحمه الله: (بداية البحث كانت عام 1390هـ، وكان مرتبطا عن تراث أسرتي العلمي والأدبي، وقد وجدت كتبا نادرة وقليلة تتحدث في هذا المضمار، مما دفعني إلى الدخول في البحث عن تراث المنطقة)
وكان من بركات وثمرات هذا التوجه والاهتمام، هذه المؤلفات والكتب القيّمة، التي من بينها:
1- أعلام الأحساء في العلم والأدب لسبعة قرون، منذ السنة (800) للهجرة في ثلاثة أجزاء.
2- معجم أعلام الأحساء في العلم والأدب.
3- معجم المؤلفين الأحسائيين.
4- معجم أنساب الحمائل والأسر الأحسائية.
5- مشاهير علماء وأدباء الأحساء في ثلاثة قرون.
6- أعيان الأحساء.
7- قلائد الجمان في تراجم علماء وأدباء آل رمضان.
8- معجم أعلام الخليج في العلم والأدب، أربعة مجلدات.
9- أسنا المغانم في تراجم علماء وأدباء آل أبي المكارم.
10- الشيخ علي أبو المكارم (دراسة عن حياته وسيرته)
11- صحيح الأثر في تاريخ هجر، من مجلدين.
12- ديوان الأحسائيات.
13- شعراء السبعي.
14- أنساب الأحسائيين وأسرهم العلمية والأدبية.
15- نزهة الناظر، وسلوة الخاطر، وهو بمثابة الكشكول الأدبي، في أربعة أجزاء.
16- منتطم الدرين في تراجم أعيان الأحساء والقطيف والبحرين، ولعل المراد بذلك تحقيقه لهذا الكتاب الذي هو للمؤرخ المرحوم الحاج محمد علي بن أحمد التاجر البحراني، كما عرفنا.
وكما أشرت قبل قليل: فقد شرفني المؤرخ الرمضان بإهداء الجزء الأول من هذا الكتاب بتهميشه وتعليقه، وقد فرغ رحمه الله من كتابة تقديم هذا التهميش والتعليق في شهر شعبان من عام (1434هـ) وهو -كما هو واضح من عنوانه- في ترجمة أعلام الأحساء والقطيف والبحرين، ويقع (في نسخة الكمبيوتر) في ((368) صفحة، اي بعذ الطباعة فلن تقل صفحاته عن (700) على نحو التقريب.
والترجمة فيه بحسب حروف الأبجدية، وأول ترجمة فيه هي (لإبراهيم بن أحمد بن صالح الدرازي آل عصفور) وآخر ترجمة (لحيان بن عبد القيس العبدي البحراني) ثم وضع المؤرخ الرمضان بعد الفهرسة في ص369-372 ترجمة لنفسه بعنوان (ترجمة المحقق)
ولم يتحصل المؤرخ الرمضان على هذا الكتاب إلا بشق الأنفس، كما أنه بذل جهودا كبيرة جدا في تسجيله على أشرطة الكاسيت، ومن ثم القيام بتفريغه، وسنذكر مختصر هذا الجهد الكبير في ملخص حادثة حصوله على هذا الكتاب في مستقبل هذا العرض إن شاء الله.
17- مطلع البدرين في تراجم علماء وأدباء الأحساء والقطيف والبحرين، في اثني عشر جزء، وسنتحدث عنه بعد قليل.
وقد ذكر الأخ العزيز الأستاذ أحمد البدر بعض هذه المؤلفات في بحثه المعنون: (الباحث جواد الرمضان وحفظ التراث الأحسائي) كما جاء ذكر بعضها الآخر في الفلم الوثائقي (المؤرخ) الذي قام بإخراجه الأخ العزيز الأستاذ سعيد الرمضان.
وفي الترجمة التي وضعها المؤرخ الرمضان لنفسه في ختام كتاب (منتظم الدرين في تراجم أعلام الأحساء والقطيف والبحرين) ذكر (12) مؤلفا مما ذكرناه في هذا العرض من مؤلفاته، وذلك في الصفحة (371)
وأما في الصفحة (369) فقد تحدث عن شغفه بالكتب، وحرصه على اقتنائها، وإقباله على الكتابة والتأليف، وجمعه للدواوين الشعرية، وإعادته لكتابة بعض المؤلفات الأحسائية، فقال: (ولازم -يعني نفسه- بعض العلماء والأدباء، واحتك بهم، كما أنه قد زاد شغفه ونهمه في اقتناء الكتب والنظر فيها، وأقبل على البحث عن المخطوطات من كتب ووثائق، من أجل البحث عن تراث الأحساء العلمي والأدبي، وحصل على الكثير منها، مما شجعه على تأليف بعض الكتب التي تؤرخ للمنطقة سياسيا وعلميا وأدبيا، كما جمع أشعار بعض شعراء الأحساء المغمورين، الذين لم تجمع أشعارهم في دواوين خاصة بهم، ومنهم: الشيخ مغامس الأحسائي، والشيخ ناصر وابنه إبراهيم آل ناشرة الهجري، والشيخ أحمد السبعي، وأشعار آل سبعي، وكتاب في الأدب بمثابة الكشكول للشيخ اللويمي، وقام بتحقيق ديوان جده الشيخ علي آل رمضان، المتوفى سنة (1265هـ) وديوان جد أمه وأبيه، الشيخ علي بن محمد آل موسى آل رمضان، المتوفى سنة (1323هـ) وديوان الشيخ محمد بن علي البغلي، المتوفى سنة (1270هـ) وغيرهم، كما أعاد كتابة بعض الكتب والرسائل العلمية والأدبية لمؤلفين أحسائيين….)
ومن بين هؤلاء العلماء الذين أشار مؤرخنا الرمضان إلى ملازمته لهم، العلامة الشيخ باقر أبو خمسين المتوفى مساء يوم الخميس (ليلة الجمعة) الخامس من شهر ربيع الأول سنة 1413هـ عن عمر ناهز السابعة والسبعين عاما، ودُفن في البقيع بالمدينة المنورة، والذي كان هو الآخر من أهم المهتمين بحفظ التراث الأحسائي منذ أن كان مقيما في النجف الأشرف، حتى عُرف هناك (بالمرجع الأحسائي)
وقد تكلمت عن هذا الاهتمام الكبير لدى العلامة الشيخ باقر أبو خمسين بتراث الأحساء في ص77-79 من كتابي (الشيخ باقر أبو خمسين: العالم الأديب المثقف) الذي هو الآن نسخة بالكمبيوتر، وستتم طباعته من قبل عائلة الشيخ باقر بمناسبة الحفل التأبيني الذي سيقام له في شهر ربيع الأول القادم في السنة القادمة (1440هـ) والذي كان من المفترض أن يقام (أعني ذلك الحفل) في عام (1438هـ) بمناسبة مرور (25) سنة على وفاته لكنه تم تأخيره لبعض الظروف التي أعاقت عن إقامته في حينه.
وعلى كل حال: فقد كان المؤرخ الرمضان من الملازمين للشيخ باقر، وربما من أسباب ذلك هو هذا الاهتمام المشترك بين الرجلين بالأحساء وتراثها.
وقد أشار المؤرخ الرمضان إلى هذه العلاقة التي ربطته بالشيخ باقر، كما أشار إلى أنه حصل على ديوان جده (الشيخ علي الرمضان) عند الشيخ باقر، فأخذه وقام بنسخه، ومن ثم تحقيقه كما سمعنا فيما نقلناه عنه قبل قليل.
ومما قاله المؤرخ الرمضان في بيان هذه العلاقة بالشيخ باقر، والتي ختمها ببيان حصوله على ذلك الديوان لديه، وأخذه منه، وقيامه بنسخه، وذلك للأخ العزيز الأستاذ سلمان الحجي، الذي كان مهتما بجمع بعض الأقوال والشهادات من العديد من الشخصيات العلمية والثقافية والأدبية في العلامة الشيخ باقر أبو خمسين، جمعها في وريقات بعنوان: (مواقف ووجهات نظر) (كوّنت علاقة وصداقة وصحبة مع المرحوم الشيخ محمد باقر بن الشيخ موسى آل أبي خمسين -قاضي الأوقاف والمواريث للشيعة في الأحساء- منذ وصولي الأحساء من الشام، فكنت أزوره وأتذاكر معه في تراث الأحساء العلمي والأدبي والتاريخ بصورة عامة، وكان من المهتمين بالتراث، وله مساع يشكر عليها في البحث والحفظ للتراث.
وكان ذلك قبل أن يشغله القضاء، حيث أنه -بعد نزوله الأخير من العراق- كان مهتما ومتحمسا لمشروع وضع مؤلفات في تاريخ المنطقة، وقد أجرى اتصالات بالعائلات التي فيها رجال العلم، ورجال الأدب، وطلب منهم تزويده بآثار أسلافهم من العلماء والشعراء فاستجابوا له، وزودوه بمخطوطاتهم الموروثة عن أسلافهم.
ومن هذه الأسر: آل دندن، وآل البغلي، وآل عيثان، وآل علي، وسادة آل سلمان، وآل الرمضان، وآل الصحاف، وآل الخليفة، وغيرهم، فاجتمع عنده كم هائل من المخطوطات.
وفي أثناء صحبتي معه حصلت على ديوان الجد الشهيد الشيخ علي الرمضان، فاستعرته منه، وقمت بإعادة كتابته، حيث صارت لي نسخة خاصة من الديوان، وسجّلت في نهايته تاريخ نسخه)
إذن هناك نتاج كثير غزير لمؤرخنا الكبير الشيخ جواد الرمضان رحمه الله تعالى، وبعض هذا النتاج (إن لم يكن جلّه) نادر في معلوماته، ومن الصعوبة بمكان الحصول عليها، كما هو واضح لنا مما قدمناه في عرضنا هذا.
أما الجهد الذي بذله شيخ المؤرخين في جمع مصادر هذه المؤلفات، فهو كبير جدا كما رأينا، وقد عرّف هو ببعضه، وذلك بقوله للأستاذة اعتدال الذكر الله في الحوار الذي سبقت الإشارة إليه، مبينا المنهجية التي اعتمدها في جمع مصادر مؤلفاته، واستقاء معلوماتها، ذاكرا ذلك في عدة نقاط:
أولا- المقابلات الشخصية مع أحفاد العلماء والشعراء الماضين وأقاربهم.
ثانيا- كتب التراث الأدبي والعلمي، وهي قليلة.
ثالثا- التوجه إلى محاريب المساجد القديمة، حيث كانت تترك فيها بعض الأوراق والكتب الأدبية والعلمية، أو إلى جبل القارة، حيث كانت ترمى فيه أكياس مملوءة بالكتب والأوراق والصحف.
رابعا- الاطلاع على صكوك البيوت والمزارع التي كان بعضها يضم أكثر من عشر وثائق لكل صك، مما يساعد على معرفة أنساب المشترين والبائعين والقضاة والشهود.
وليس هذا فقط، بل أنه رحمه الله تعالى طالما شدّ الرحال، وتغرّب عن الأوطان، وبذل الأموال الطائلة سعيا وراء المعلومة، وبحثا عن مصادرها.
وكما يقول صديقنا العزيز سماحة الشيخ محمد بن علي الحرز في بحثه (مصادر المخزون الثقافي عند المؤرخ الرمضان): (لم تكن المعلومة المكتوبة أو الشفهية حاضرة دائما بين يديه في الأحساء، وإنما قد يحتاج إلى الترحال والسفر من أجلها في ربوع الخليج، بين البحرين والكويت والإمارات والعراق، وذلك تبعا لما مرّ به التراث الأحسائي من تنقلات في ربوع المكتبات المختلفة، أو الهجرات الأحسائية بين هذه المناطق، ساهم في تنقل العديد من التراث الأحسائي إلى خارج الوطن، وهو يتطلب السعي من أجل الحصول عليه، والهجرة بحثا عنه، فكان شيخنا الرمضان قد كرّس حياته لجمع التراث أينما ذهب أو رحل)
وليس فقط يشد الرحال بحثا عن تلك المصادر، بل أيضا يبذل كل الجهد في التغلب على الصعوبات التي تواجهه حين البحث ومحاولة الحصول على هذا المصدر أو ذاك، إلى حد أن بعض النسخ التي يحرص أصحابها على عدم التفريط فيها، كان يبحث عن أية طريقة للحصول عليها، ثم يقوم بتسجيلها على أشرطة الكاسيت قبل أن يعيدها إلى أصحابها، ثم يتفرغ بعد ذلك لتفريغها وتحقيقها.
ومن ذلك على سبيل المثال ما أشرنا إليه من أن لحصوله على كتاب (منتظم الدرين في تراجم أعلام الأحساء والقطيف والبحرين) قصة معبرة ومؤثرة وكاشفة عن شيء مما كان يبذله المؤرخ الرمضان من جهود كبيرة في سبيل الحصول على النسخ النادرة، والحرص على اقتنائها.
فقد حدثت هذه القصة في سنة (1395هـ) وملخصها أن سماحة السيد هاشم الشخص أخبر المؤرخ الرمضان عن وجود نسخة من كتاب (منتظم الدرين) لدى أحد القضاة بالبحرين، وهو الشيخ (محمد صالح العريبي) لكنه يبخل بها على كل أحد، ولا يسمح بخروجها من بيته، فما كان من المؤرخ إلا أن شدّ الرحال من الأحساء إلى البحرين ليلتقي بالشيخ العريبي ويحاول منه الحصول على نسخة من الكتاب، إلا أن جهوده باءت بالفشل حيث رده الشيخ العريبي ولم يستجب لطلبه، ليعود إلى الأحساء بخيبة الأمل والرجاء، لكنه لم ييأس من الحصول على نسخة من الكتاب، فما كان منه إلا أن أرسل إلى عميد ورئيس الجالية البحرينية في (أبو ظبي) الوجيه المرحوم (الحاج يوسف بن عبد الله الصائغ) طالبا منه التوسط في الموضوع للحصول على الكتاب.
وبالفعل أرسل (الصائغ إلى العريبي) يطلب منه إرسال الكتاب إليه ليطلع عليه، فلم يجد العريبي بدا من الاستجابة لذلك، وحين وصل الكتاب إلى (أبو ظبي) أرسل الصائغ إلى المؤرخ الرمضان يعلمه بذلك، فما كان منه إلا أن شد الرحال من الأحساء إلى (أبو ظبي) وكان ذلك في شهر رمضان من السنة المذكورة، ليستلم الكتاب (إعارة) ويعود به إلى الأحساء، ويقوم بتسجيله على أشرطة الكاسيت التي زاد عددها عن المائة شريط، قبل أن يشد الرحال من جديد إلى البحرين ليعيد الكتاب إلى (العريبي) بعد أن قام بتسجيله كاملا على ذلك العدد الكبير من الأشرطة، التي تفرغ بعدها لتفريغها وإخراجها في كتاب يقوم بتحقيقه والتهميش والتعليق عليه.
هذا ملخص هذه الحادثة التي ذكرها المؤرخ الرمضان بشيء من التفصيل في ص4-7 من مقدمة تهميشه وتعليقه على الكتاب، وأنا إنما ذكرت هذا الملخص لأبين شيئا من ذلك الجهد الكبير الذي يبذله المؤرخ الرمضان في سبيل الحصول على الكتب من مخطوط ومطبوع، وأي تعب كان يعانيه ويتحمله في سبيل ذلك.
ولك فقط أن تتصور كيف شد الرحال أكثر من مرة إلى أكثر من دولة في سبيل الحصول على هذا الكتاب، ثم كيف فرغ نفسه لتسجيله على أكثر من مائة شريط منها ما مدته ساعة، ومنها ما مدته ساعة ونصف، ثم كيف فرغ نفسه لتفريغها، إلى أن وصل إلى العمل على تهميش الكتاب والتعليق عليه.
وكما قلت: أنا ذكرت هذه الحادثة باختصار شديد من مقدمته لذلك التهميش والتعليق الذي قام به على ذلك الكتاب، كما أن المؤرخ الرمضان أخبرني عن هذه الحادثة بنفسه وذلك في الجزء الثاني من دردشتي معه، في برنامج (دردشة مع) فيمكنك الرجوع إلى الدردشة على قناتنا في اليوتيوب لتقف عليها بلسانه وكلامه رحمه الله تعالى.
وليس هذا الكتاب هو الوحيد الذي قام المؤرخ الرمضان بتسجيله على أشرطة، بعد أن أتعب نفسه التعب كله في سبيل الحصول عليه، بل أيضا في عام (1418هـ) التقى المؤرخ الرمضان بالملا (حسن بن أحمد بن الشيخ حسن المؤمن) فوجد عنده (مجموع خطي يحوي مدائح ومراثي لأهل البيت عليهم السلام) لمجموعة من الشعراء، وأيضا قام المؤرخ بتسجيل ذلك المجموع على أشرطة الكاسيت استعدادا لتفريغه، وقد حصل بعد ذلك على نسخة مصورة من ذلك المجموع عن طريق أحد الأصدقاء، كما ذكر ذلك هو بنفسه في هامش ص505 من كتابه (مطلع البدرين في تراجم علماء الأحساء والقطيف والبحرين)
كل هذا إضافة إلى ما سبق أن نقلناه عنه رحمه الله من قيامه بإعادة كتابة بعض المؤلفات الأحسائية، وجمع الدواوين الشعرية…مما يؤكد لنا أننا أمام شخصية كبيرة، ذات همة عالية في البحث والجمع والتأليف والتحقيق.
ونظرا لهذا كله ولغيره مما هو على شاكلته، فقد امتازت هذه المؤلفات على سواها بأمور كثيرة، ومن ذلك:
أنها تحوي تراجم شخصيات كثيرة ليس لها أية ترجمة إلا في هذه المؤلفات، وذلك لأن بعض الشخصيات لا تهتم كتب التراجم -عادة- بترجمتها، مما يجعلك لا تجد ترجمة لها إلا في هذه المؤلفات، كما هو الحال في بعض الوجهاء والشخصيات الاجتماعية العامة.
إضافة إلى أن مصادر الشيخ الرمضان في بعض ترجماته هو المشافهة، سواء من تلك الشخصيات نفسها، أو ممن عاصرها، أو أنه حصل عليها من بعض المخطوطات النادرة جدا، أو أنه نقلها من وثائق خاصة، ليست موجودة عند أحد غيره، كما هو الحال في الوصايا والمبايعات وحصر الوراثة… أو غير ذلك مما أتعب الشيخ المؤرخ نفسه في البحث عنه والعثور عليه، في مغارات وكهوف الجبال، والمساجد ودور العبادة…
كما أنها تمتاز بالتوسع في ترجمة آخرين لم تذكر كتب التراجم عنهم إلا ما هو أقل من القليل، وما لم يتجاوز السطر أو السطرين، كما أشار المؤلف إلى ذلك في ص29-30 من مقدمة كتابه (مطلع البدرين) حيث قال مبينا سبب عكوفه على تأليفه: (هذا كتاب يضم بين دفتيه تراجم لعلمائنا الأعلام، وشعرائنا العظام، وكان الحافز لي على وضعه وتأليفه -رغم ما واجهت من صعوبة، وما بذلت من جهد- أني لم أقف على كتاب جامع وشامل لتراجم أعلام هذه المنطقة الحبيبة والغالية من وطننا العزيز المملكة العربية السعودية، ألا وهي المنطقة الشرقية “الأحساء سابقا” أو البحرين أو هجر قديما، رغم أنه ألف في هذا الموضوع عدد من الكتب، إلا أنني رأيتها غير جامعة وشاملة لتراجم أعلام هذه المنطقة، وقد فات مؤلفيها عدد كبير من رجال العلم والأدب المتقدمين والمتأخرين، فما كان مني إلا أن شمّرت عن ساعد الجد، وبذلت الوسع والجهد، وبحثت ونقبت، فتوفّر لي بعون الله وتوفيقه حصيلة كبيرة، وثروة وفيرة من المصادر، القديم منها والحديث، والمخطوط منها والمطبوع، فتوكلت على الله تبارك وتعالى بوضع هذا الكتاب، وسميته “مطلع البدرين في تراجم علماء وأدباء الأحساء والقطيف والبحرين” ترجمت فيه أعلام المنطقة من العصر الجاهلي في الشعر والخطابة، وعلى مشاهير الصحابة من قبيلتي عبد القيس بن وائل وغيرهما من قبائل العرب، التي كانت تسكن هذه الأرض الطيبة، وعلى ذكر جملة من أهل العلم والأدب على مرّ العصور، وتوالي الدهور في كل من جزر البحرين، وبلاد القطيف والأحساء…)
وكتب في هامش ص29 موضحا ومؤكدا ما ذكره في المتن من عدم شمولية تلك الكتب المؤلفة في هذا الموضوع، وكذا عدم موضوعية بعضها الآخر: (ومن جملة هذه الكتب كتاب “أنوار البدرين في تراجم علماء الأحساء والقطيف والبحرين” وهو كتاب جليل ومفيد، إلا أن المؤلف قد اقتصر على أعلام الشيعة في المناطق الثلاث المذكورة، كما أنه كان قليل المعرفة بعلماء وأدباء الأحساء، فلم يذكر منها إلا ما يزيد على العشرين بقليل، وبعض التراجم في غاية الإيجاز، فهي لا تتجاوز السطر.
ومن هذه الكتب أيضا كتاب (تحفة المستفيد) للشيخ محمد آل عبد القادر، فقد أهمل الشيخ المذكور ذكر عدد من علماء وأدباء الشيعة في عصره، فلم يشر إلى أحد منهم، مع معرفته بالكثير منهم، وخاصة من يسكن مدينة المبرز منهم، فقد كانت له علاقة وصحبة مع بعضهم، ومساجلات شعرية وأدبية…)
وكما تمتاز مؤلفات شيخنا ومؤرخنا الرمضان بالتوسع في الترجمة وعرض السيرة، كذلك هي تتسم -كما أشرنا- بالشمولية والعموم، وعدم الاقتصار على ترجمة علماء طائفة دون أخرى، أو طبقة دون طبقة، أو فئة دون فئة، كما هو الحال في بعض المؤلفات.
لقد جاد الشيخ الجواد بجوده وفضله على الجميع، فترجم للأعلام من كل الطوائف، بمختلف المذاهب، أضف إلى ذلك أمانته العلمية في النقل، وموضوعيته في الطرح… إلى ما هنالك من خصائص ومميزات لهذه المؤلفات، أشار إلى بعضها العلامة الشيخ الدكتور عبد الهادي الفضلي رحمه الله تعالى في تقديمه لكتاب (مطلع البدرين) حيث قال عن الشيخ الجواد وكتابه وذلك في ص13-14: (…مؤلف هذا الكتاب الأخ الفاضل الحاج جواد آل رمضان، فقد كان من هؤلاء الغيارى من أبناء هذا الوطن الذين شمّروا عن ساعد الجد، وامتشقوا اليراع الجاد، وكتبوا في تراجم علمائه وأدبائه، مفترقا عن أكثر أسلافه بسمات منها:
ابتعاده عن ذلكم التمايز الطائفي المألوف، وتعميمه كتابه ليشمل كل علماء وأدباء المنطقة على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم.
امتداده الزمني بمسافة تراجمه، حيث بدأ بما قبل الإسلام وانتهى بعصرنا هذا.
وسار في منهج تأليفه على هدي ما كان عليه مؤلفو التراجم في العصر العباسي الثاني وما بعده، حتى بداية النهضة العلمية الحديثة.
وتبرز أهمية الكتاب -إضافة إلى ما تقدم- في محاولة مؤلفه الكريم الإحاطة بكل ما يرتبط بموضوعه مما نشر عنه في المصادر والمراجع، وينقله بنصه وعبارته، ليكون الأمين لما ينقل، والصادق لما يؤرخ.
الكتاب موسوعة لأعلام هذا المثلث الجغرافي رائدة ومفيدة، أعطاها المؤلف من طاقته الفكرية والبدنية الشيء الكثير، وفاء لأبناء أرضه، وخدمة لتاريخ هذه البلدان الساحلية الثلاثة، كي لا يضيع أو يهمل)
ولو أردنا بيان خصائص تلك المؤلفات باختصار، فهي تتمثل في:
1- امتدادها الزمني، الذي يصل إلى العصر الجاهلي.
2- احتوائها على ترجمة الكثيرين ممن لا توجد لهم ترجمة في غيرها.
3- التوسع في ترجمة من قام غيره بترجمتهم اختصارا.
4- التصحيح للأخطاء الموجودة في بعض كتب السير والتراجم.
5- الشمولية في الترجمة، وعدم اقتصارها على ترجمة أعلام طائفة دون أخرى
ورغم أهمية هذه المؤلفات بما تمتاز به من خصائص وسمات، إلا أنه مما يؤسف له -حقا- أنه إلى اليوم لم يطبع ولا مؤلف منها رغم كثرتها وأهميتها، إلا الجزآن (الأول والثاني) من كتاب (مطلع البدرين) الذي يتكون من (12) مجلدا كما أشرنا، حيث تم طبعهما في مجلد واحد عام 1419هـ-1999م، في (693) صفحة، وهما مرتبان بحسب الحروف الهجائية، ويضمان ترجمة (460) من الأعلام المترجمين.
الجزء الأول يقع في (343) صفحة، بتقديم العلامة الشيخ الدكتور عبد الهادي الفضلي، ويبدأ بترجمة (أبان المحاربي العبدي) وينتهي بترجمة (العلامة الشيخ باقر بن موسى آل أبو خمسين)
والجزء الثاني يبدأ من صفحة الإهداء (349) ثم في الصفحة (351) ترجمة (بحيرا الراهب العبدي) وينتهي بترجمة (حكيم بن عامر العبدي)
وقد تمت طباعة الجزأين في الكويت على نفقة رجل الأعمال الكويتي، الوجيه الحاج (حسين بن علي بن ناصر القطان)
ومن وفاء مؤرخنا الرمضان أن أهدى الجزأين للمتكفل بطباعتهما، فكتب في إهداء الجزء الأول وذلك في الصفحة (5) من الكتاب: (إلى الإنسان الشهم الغيور، ذي المروءة والحمية والنجدة والفضل، الرجل الذي شجعني ووقف معي، وقدم لي كل عطف ومساعدة ورعاية، فغمرني بفضله وإحسانه، صاحب القلب الكبير الشيخ حسين بن المرحوم الحاج علي بن ناصر القطان، أهدي باكورة إنتاجي من المؤلفات، وهو الجزء الأول من كتابي، المعجم الرجالي الموسوم بـ (مطلع البدرين في تراجم علماء وأدباء الأحساء والقطيف والبحرين) راجيا منه التكرم بقبوله، وله جزيل الشكر والامتنان، متمنيا له من الله جل وعلا أن يمد في عمره، وأن يمتعه بدوام الصحة والعافية والسعادة والتوفيق في الدنيا والآخرة)
والإهداء مختوم باسم المؤرخ الرمضان، ومؤرخ بتاريخ يوم الأحد (7) ربيع الثاني 1418هـ (6) أغسطس (آب) 1997م.
ولا يختلف إهداء الجزء الثاني الموجود في الصفحة (349) في كلماته كثيرا عن هذا الإهداء، وهو مؤرخ بالتاريخ نفسه.
وفي ص69-71 من كتابي (تكريم شيخ المؤرخين والمكاسب الكبرى) تكلمت عن هذه الكتب والمؤلفات، وأكدت على وجوب الالتفات إليها، والاهتمام بها، والعمل على طباعتها، كما قدمت بعض المقترحات التي من شأنها أن تساعد على ذلك.
كما تكلمت مع المؤرخ نفسه رحمه الله في هذا الموضوع أكثر من مرة، وأكدت عليه (رغم أنه المعلم والأستاذ) أن يولي هذه المؤلفات جل العناية والاهتمام، وأن يحاول أن يكون له لجنة تعمل على تنقيحها وتصحيحها وطباعتها تحت إشرافه، فوعدني بذلك خيرا.
وكم كنت آمل لو أنها أو بعضها فعلا تم طبعه في حياته، ولكن ما كل ما يطلبه المريء يدركه.
وأما وقد رحل شيخ المؤرخين إلى جوار ربه، مخلفا هذا الإرث العظيم، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: ما هو مصير هذا الإرث الضخم، وهذه المؤلفات الكثيرة والمهمة من بعده، فهل ستموت بموته، أم أنه رحمه الله سيعود إلى الحياة بطبعها وإحيائها؟!
سؤال لكل محبي مؤرخنا الرمضان رحمه الله تعالى، ولكل المعنيين والمهتمين بالشأن الثقافي والأدبي والتاريخي على مستوى المؤسسات والهيئات والمراكز العلمية، والشخصيات الفاعلة والمؤثرة في أحسائنا الغالية، خصوصا لمريديه والمنتفعين من مخزونه في بحوثهم ومؤلفاتهم التي كان لهم فيها خير معين، وبالأخص لأهله وذويه وعائلته، ولاسيما لولديه الحسن والحسين.