
الصُحبَة والصَدَاقَة فِطرَة طَبيعِية عِندَ البَشر ولكن كيف يتِم بَرمَجتها وهَندستها بِشكلٍ صحيح لا غُبار عليه حتى تستمر العلاقة بِدُون أي مُعَوِقات، فالطبيعة الإنسانية تألف إلى ذلِك وتَسعى إليه حتى تَتِم إستمرارِيتُها بِدون مُنَغِصات أو خِلافات قد تطرأ عليها ويؤَثِر على تَواصِلُها، فالحَذر كُل الحَذر من ردَات الفِعل السَريعة نتيجَة تصرُف خاطِىء أو زَلَة لِسان أو كلامٍ جارِح مِن أحَد الطَرَفين بِشَكلٍ مُبالَغ فيه، أو القَطِيعة المُفاجِأة نتجية إختِلاف في وُجُهات النَظر أو الرأي مما يؤدي ذلك في نِهاية المطاف إلى تأزُم العَلاقات وخُروجَها عن نِطاق السيطَرة، فبُعد الأخُوَة والمَعزَة والإحتِرام المُتبادَل يُسَبِب حرباً إعلامية طاحِنة تأكُل ما بَنَتهُ المشَاعِر والأحاسيس الفَياضَة من تَقديس ومَحبَة ومَودَة، خاصَةً عِندما يَصِر طَرفٌ مُعانِد لا يُقِيمُ وزناً َيتَشَبَث بِالعِناد والمُكابَرة لِسؤ فِهم غير مَقصُود فيستَخدِم الفَاظ جَافَة وخَارِجة عن الأدب مِن هؤلاء المُتعالِين وسريعِي الإنفعال والتشدُد الذين لا يُهِمَهُم أي ُ صِحبَة صاحِب أو مُلازَمة صَديق وكأنهم يعيشُون في بروجٍ عاتية، فَيَستَثقِلون السلام على من حَولَهم بِإستِثناء مَن يُعجِبَهم من عُليَة القَوم.
أما أصحابهُم الذين يُوَدُونَهم ويُبادِؤهم في السلام تَحِيةً ومُصَافَحَةً يتظاهرون أنهم مرضَى و غير قادِرين على رد السَلام والقِيام إحتراماً لمن يرى أن هذا واجِبُه الديني والأخلاقي، هذه الفِئة من الأصحاب لا أسَفَ عليها ولا نَدَم حَتَى أن كِلمَة صَدِيق أو صاحِب لا يستَحِقُونها وكبِيرَة على مُستواهُم فهم في الواقِع لا أصحاب لهُم، فهُناكَ مثلٌ شَعبِي دارِج بين النَاس وهو: مَن لم يحسَب لك رُبح لا تَحسَب له رأس مال، والعاقِل خَصِيم نفسَه.