عامة
2014-03-16

هدية خاصة… «كفن» في دولاب ملابس «كالفن كلاين» و«شانيل»

متابعات

لا يمكن أن يصاب عبد الجليل الجعفر بالاكتئاب في كل مرة يفتح فيها خزانة ملابسه، وهو يرى كفن موته معلقاً بعناية خاصة إلى جانب الثياب الأنيقة له ولزوجته التي تحمل أسماء ماركات عالمية مثل كالفن كلاين وشانيل ورالف لورين لاكوست جوسي كوتير، مشهد يمكن أن يصيب البعض بشعور متناقض، إلا أنه سعيد بمقابلة كفنه في كل يوم، بل ويوليه عناية خاصة،

رغم أنه لم يتجاوز العقد الرابع، بيد أنه أوجد حالة صداقة مع الموت. وتواجد الكفن داخل خزانته، لم يرتبط مطلقاً بشعوره باقتراب موته، ولسكنه في أكثر المناطق هدوءاً ولا تعرف الحروب والدمار، وعن هذا يقول: «أنا ميسور الحال وأعيش في أمن وأمان وهدوء وسكينة، ولا يستغرب أحد من أن يقوم شخص ما بنفس ما أقوم به في المناطق المشتعلة بالحروب مثل العراق أو سوريا مثلاً، وأجد الأمر عادياً جداً وشيئاً اعتدنا عليه في منطقتنا».

وكان يسكن الجعفر في إحدى قرى الأحساء (شرقي المملكة)، حيث اعتاد بعض سكان تلك القرى على تجهيز الكفن والوصية، كعادة اجتماعية متوارثة، وبحث من الموروث الديني، الذي يولي اهتماماً كبيراً بتثبيت هذه العادة من خلال الخطب المتفرقة، والتشجيع على الاستعداد للموت.

ويقول ضاحكاً «أتذكر أنني دخلت الغرفة وارتديته وخرجت لزوجتي وأمي، وحين علما بأنه كفن أصيبا بالذهول، ومن هول الصدمة دخلت والدتي في نوبة بكاء، حيث شبه لها أنها تراني وأنا ميت وبكفني»، مضيفاً «حاولت مراراً وتكراراً أن تقنعني بإخراجه من المنزل لكنها رضخت أخيراً ونسيت أمره».

ويحرص محمد الضامن وهو في العقد السادس، على إخراج كفنه من الخزانة، في كل مرة يجدد فيها وصيته، ويقول «أرجع لوصيتي بين فترة لأخرى لألقي نظرة سريعة عليها وأعدل فيها، والتي أضعها داخل كفني في أعلى خزانة ملابسي، وقد يستغرب البعض هذا الفعل لكنه أصبح من الأمور الاعتيادية، وتحول الكفن إلى ثوب كباقي الثياب لكنه لمرحلة أخرى».

ويوضح «في بداية الأمر لم تتقبل أسرتي وجود الكفن في المنزل، ولم تسمح زوجتي بدخوله إلا بعد أن أخذت المواثيق والعهود عليّ، بألا أرتديه ولا أخرجه أمامها أو أمام بناتها، لأنهن يشعرن برهبة بمجرد وجود الكفن داخل المنزل، إلا أنهن اعتدن على الفكرة أخيراً».

يعتقد المجتمع الريفي في الماضي وبحسب ما يتناقلون أن وجود الكفن في المنزل هو طارد للشياطين، بينما يعتقد البعض الآخر أنه من مسببات طول العمر، بينما ينقل الضامن أنها «عادة تجعلنا أكثر زهداً في الحياة، وتمسكاً بترك المعاصي، ففي كل مرة تقع عيني على هذه القطعة الرخيصة من القماش، أتذكر مصيري الذي سأرحل له، فأنتهي عن معاصٍ كثيرة».

وتوضح ولاء السنيد (في العقد الرابع)، أن «الموضوع يحتاج لقوة وعزيمة، لأن تجهيز الكفن مبكراً سيجعلنا في نزاع مع الحياة والموت، وأنا شخصياً لا أستطيع أن أقوم بذلك»، مضيفة «كانت جدتي في صلاة يوم الجمعة تخرج كفنها وتضعه أمامها حين تقوم للصلاة، وحين سألناها عن السبب أجابت أنها تشعر بخشوع أكبر حين يكون في مرمى بصرها لتتذكر الموت، وكنا نتعجب من فعلها هذا».

وتقول «إحدى قريباتي اشترى والدها لها ولإخوتها ووالدتها أكفاناً لهم، ووضعها في خزانته، وكل قطعة باسم شخص ومحددة له، كنا نستغرب هذا الفعل بل ولا نزال، لكنها تؤكد أن هذا الفعل زاد من إيمان عائلتها وأصبحوا أكثر زهداً وورعاً». وعن سبب إقبال بعض أفراد المجتمع على اقتناء الكفن تقول آمنة الجاسم (في العقد السابع)، «إن تجهيزه من المستحبات التي سمعنا في فضلها الكثير بل وهو من السنة المؤكدة، إلى جانب تأثيره النفسي وانعكاسه على السلوك اليومي للفرد».

وأضافت «كنا في فترة من الفترات لا نملك في دولاب الملابس سوى فستانين باليين وكفن، ولا يخلو بيت منه أبداً، لكن هذه الفترة قل من يقوم بهذا العمل».

وتوضح «أهدت أمي كفناً لصديقتها، وأنا أهديت كفناً لصديقتي أيضاً، وهذا أمر عادي وفي نفس الوقت يتحسس منه البعض كأن يشعروا بالنحس أو باقتراب الموت، وهذه مغالطة كبيرة»، مضيفة «أذكر أن جدتي جلبت معها بعد أداء فريضة الحج مجموعة من الأكفان ووزعتها كهدايا فكنا نضحك ونلقي النكات والطرائف عليها، لكنه موقف لا ينسى أبداً».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى