عامة
2015-05-18

أطفال دون الأربعين يوم عند المراخة !

زينب آل محسن - خاص - خليج سيهات

 

لطالما امتلكت جداتنا الحلول لمشاكلنا الصحية من التشافي بالأدوية الشعبية وحتى المراخ الذي يرجع كل عضو إلى محله الصحيح فلا تعود هناك مشكلة ، والأخير لم يكن يقتصر على النساء الكبيرات والرجال بل وصل للرضع فكثيرا ما نسأل عن طفل في الأربعين ليس في مهده فيقال عند المراخة !

” الرعية ” هي نوع من المراخ تقوم به المرأة الكبيرة للطفل  والتي من خلالها يتم رفع دماغ الطفل إلى قمة رأسه عن طريق إدخال الأصابع في سقف  الفم !

أم علي مراخة في قرية أم الحمام ضحكت حينما سألناها عن عمرها مجيبة ” تحت رحمة الله  ” تعلمت  فن المراخ من والدتها وخالتها التي كانتا ولادتين  كبيرتين إن صح التعبير ، يغلبها حس البشاشة يحبها الصغير والكبير ولكنها في وقت الجد جادة ، فكثيرا ما تقصدها الأمهات لمراخ اطفالهن بحجة أن دماغهم قد نزل في حلوقهم كما يقولون وهي تجيد التصرف والتعامل معهم بطريقة ” الرعية ” ،

تصف أم علي الرعية بالقول : ” أحيانا يسقط المخ في اللهاة للطفل أي يكون نازلا عن المستوى الطبيعي فلا يعود الطفل يرضع من صدر أمه بشكل طبيعي وإن تأخر الوقت ولم يمرخ قد لا يأكل ولا يتحرك بشكل جيد وقد يتأخر نموه بشكل واضح ونحن نعرف ذلك من خلال حركة الطفل وغذاءه ونموه الصحيح ، لذا نقوم بعمل الرعية له وهي رفع المخ من حلق الطفل حيث نقوم بإدخال أصابعنا في سقف حلق الطفل ونضغط للأعلى حتى يرتفع المخ وقد نضطر لعصر اللوزتين قليلا حتى يستطيع الطفل التنفس والأكل بأريحية ”

images (1)

وحينما سألناها عن ردة فعل الطفل ومقدار صرامتها بالموضوع قالت : ” لا يكون الموضوع بشكل عنيف كما تتصورونه بل بلطف ضغطتين إلى ثلاث للأعلى ولكن ردة فعل الطفل تكون عصبية قليلا ويبكي بقوة ولكنه سرعان ما يصمت بعد الرضاعة وسيلاحظ التحسن في أكله وحركته بشكل واضح ”

وعن الأسباب تقول أم علي : ” الشفط كثر مؤخرا للأطفال وتستخدمه الكثير من المستشفيات ويؤثر بشكل كبير على دماغ الطفل وفي السابق كانت القابلة تمسك بالطفل بعد ولادته وتعدل له رأسه بمروخ بسيط ليكون بشكل دائري وتدخل اصبعها في سقف فمه لتتأكد من موقع المخ ولكن القابلات اليوم لا تهتم بذلك حتى لو كان الطفل مشفوط من رحم أمه ورأسه بشكل مستطيل بدل أن يكون دائري نتيجة الشفط ،  كذلك طريقة الام في إرضاع طفلها وإنهاءها العملية بشكل مفاجئ له قد يسبب له هبوط المخ وحتى الأطفال الكبار يحدث لهم ذلك بعد أكل كميات كبيرة من المثلجات والمشروبات الباردة وعدم النوم بالطريقة الصحيحة وعلى الوسادة المناسبة ”

أم علي تمرخ الطفل حسب حاجته من مرة إلى ثلاث مرات في الحالات المستعصية وهي واثقة مما تفعل والدليل إقبال الكثير عليها من كل القرى والمناطق ولنفس الأسباب حيث تذكر أن جميع الحالات التي تقصدها انتهت مشاكلها وحلت أزمة الطفل ب” الرعية ” بالرغم أنها تستخدم طريقة أخرى لرفع المخ للأطفال دون الأربعين يوم حيث تضع مقدار غطاء من زيت الورد على رأس الطفل وبالتحديد في الجهة المفتوحة التي يبان منها نبض الرأس أثناء رضاعة الطفل من صدر أمه حتى يجف الزيت وكما تقول أم علي يشربه المخ فيصبح أفضل !

أم عبد الله  شابة في العشرين من العمر ولدت ابنها عن طريق الشفط في أحد المستشفيات الحكومية وبعد ولادته ظل لفترة طويلة لا يتنفس بشكل جيد ولا يستطيع الرضاعة بشكل طبيعي و متواصل من قلة الأكسجين الذي يتنفسه وكون شكل رأسه ليس بالشكل المعتاد قررت جدته أخذه للمراخة ورغم رفض أمه ذلك إلا أنها استسلمت أمام رغبة جدته والتي أخافتها بموته إن لم يجد له حل وبالفعل قصدت المراخة حيث تروي أم عبد الله ماحدث بالقول : ” ذهبت به جدته وحماتي الكبرى للمراخة التي نصحتهم بها جارتنا ورفضت أنا الذهاب لأنني خفت من مجرد وصف ما سيحدث وظللت خائفة أبكي من أنني قد اخطأت في تسليمهم طفلي الصغير وهو ذو أشهر ، وعندما عادت به جدته كان شكل ولدي مختلف تماما عن ذي قبل فقد بات شكله أقرب للطفل الطبيعي وحينما سألت جدته عما حدث قالت صرخ وهي ترفع مخه من أعلى حلقه وسالت كمية دماء كبيرة وعدلت المراخة كذلك شكل رأسه بدهنه بالزيت والضغط على جمجمته بشكل دائري حتى تعادل الشكل ، وحينما أرضعته من صدري شرب لأول مرة بشكل متواصل دون أن ينقطع نفسه  وحتى اليوم وأنا  أحمد ربي أنه بخير ما يرام ”

وفيما يظن البعض أن هذه العملية ليست دارجة فأثناء البحث والتقصي وجدنا العكس فأم سعيد من قرية التوبي تذكر لخليج سيهات عدد مرات قصدها للمراخات من أجل أحفادها فتقول : ” أولادي أنجبتهم عند القابلات حيث لم تكن آنذاك المستشفيات دارجة وكانت ولاداتي كما تقول بشكل طبيعي وصحة أولادي على خير ما يرام ولكن مستشفيات هذه الأيام لا تخرج الطفل بشكل طبيعي إلا بعد أذيته وأذيه والدته والحمد لله ليس لدي بنات عانين من ذلك ولكن أبناء أولادي لا يكونون طبيعيين كما كان أولادي والبشر لا يتغيرون ولكن التغذية والأساليب هذه الأيام تختلف ولهذا أصبحت أقصد المراخة  لمراخ أحفادي في الشهر الأول من ولادتهم حتى لا يعانون مشاكل مستقبلا سواء وضحت عليهم مشاكل صحية في الشهر الأول أو لم تظهر ولكن الاحتياط واجب فتصرف في دقيقتين من قبل المراخة قد يحل له مشكلة يفتعلها الأطباء مستقبلا تحتاج لجراحة ”

وتضيف : ” مرخت 5 من أحفادي وحفيداتي لدى المراخة و المراخ ليس فقط لتعديل شكل الرأس أو لرفع المخ بل حتى تنظيف معدة الطفل وتعديل المصران وحتى لحل مشاكل الحلق التي يقال عنها التهاب بالمستشفيات بينما بالمراخ فقط تحل هذه المشكلة برفع اللوزتين ، وأنا ما زلت أؤمن أن المراخ حل جميع المشاكل والحمد لله من رحمة الله علينا أن لدينا مثل هؤلاء العجائز الذين يتقنون فن المراخ ”

وبين الخوف والرغبة تسجل الحالات التي ترويها الأمهات صورة طيبة جدا عن مراخ الأطفال أو ما يسمى ” الرعية ”  وأهميتها في تحديد مستقبل حياة الطفل وتبقى الجرأة في التجربة هي الفاصل .

الصحة تقول:

الدكتور عبد القادر الرميح استشاري اشعة تشخيصية وتناظرية يتحدث عن مراخ رأس الطفل ويقول : ” مراخ رأس الطفل من السلوكيات المنتشرة ونستطيع أن نعرف جدواها من عدمه من خلال معرفتنا لتكوين الجمجمة كالآتي :  ما يتحكم في شكل الرأس هو الجمجمة العظمية للرأس. وتتكون جمجمة الإنسان البالغ من ست عظام ملتحمة مع بعضها تشكل غلافا عظميا يحمي الدماغ والأوعية الدموية التي فيه ، وفي حالة الأطفال الصغار والحديثي الولادة توجد أيضا تلك الألواح الستة من العظام، ولكن لا تكون ألواح تلك القطع العظمية للجمجمة قد التصقت تماما مع بعضها. ومع مرور الوقت، ومع نمو الجنين، تبدأ تلك الألواح العظمية من الاقتراب إلى بعضها، وصولا إلى حد الالتحام التام لاحقا ،وبالتالي فإنه لا توجد هناك فراغات واسعة  فقط بين ألواح عظام جمجمة الطفل الصغير، بل إن قطع الألواح العظمية لديه قابلة للحركة، إما بعيدا أو قريبا من اللوح الملاصق لها.
ولذا فعلى الأم أن تدرك أنه من السهل حصول تغيرات غير طبيعية في الشكل الطبيعي لرأس طفلها، كما أن عليها أن تدرك أن هناك الكثير من الطرق والسلوكيات التي تحمي الشكل الطبيعي لرأس طفلها. ”

images (4)
ويضيف : ” في فترة ما بعد عملية الولادة مباشرة ونتيجة لتعرض الطفل للعصر والضغط خلال مرور المولود في قناة الولادة، قد يختل بشكل مؤقت وضع عظمات الجمجمة، إذ من الممكن أن يقترب لوح عظمي من لوح عظمي أخر، أو قد يبتعد وكذلك إن كان حجم رأس الجنين أكبر من الفجوة المتاحة له من خلال قناة الولادة ومعلوم أن حجم حوض المرأة وحجم العضلات المرتبطة به في مجرى قناة الولادة من العوامل التي تؤثر على شكل رأس الجنين. وبالتالي من الممكن أن يختلف ذاك الشكل الطبيعي الذي كان لجمجمة الجنين قبل الولادة عن شكل جمجمة الطفل بعد ولادته مباشرة وهذا ما يتنبه له الأطباء بشكل روتيني وطبيعي ويفحصونه جيدا وإذا ما حصل أي تغير غير طبيعي، يمكن أن تعود الأمور إلى طبيعتها من خلال العناية الصحيحة برأس الطفل. كما أن وجود أكثر من جنين في الرحم  يؤثر على فرصة إعطاء راحة لشكل رأس الجنين، قبل ولادته. وبالتالي يظهر التأثير بعد الولادة على شكل رأس الطفل. كما قد تؤثر على شكل رأس المولود  تلك الوسائل المساعدة على تسهيل الولادة، مثل استخدام الطبيب للملاقط Forceps أو الشفط ventouse. وآلة الشفط قد تؤدي إلى استطالة أعلى الرأس. بينما قد تؤثر الملاقط على شكل جوانب الرأس ”

 

images (3)

وحول حماية شكل الرأس وجعل شكله طبيعي يتحدث الدكتور الرميح عن الحلول بالقول : “. لا مانع من تدليك الرأس لكن المراخ وهو الضغط بشدة قد يكون ضارا على رأس الطفل و لكي تنمو وتلتصق عظام جمجمة الطفل بشكل طبيعي فإنها تحتاج أولا إلى حركة طبيعية في عضلات الرأس و الرقبة. وثانيا تحتاج من الأم أن تضع الطفل في وضعية لا تؤثر سلبيا على حفاظ الرأس على شكله الطبيعي ولذا فإن هناك عدة سلوكيات تفيد شكل رأس الطفل وإحدى تلك الوسائل هي صراخ الطفل بصوت مسموع ومصّه خلال عملية الرضاعة وكلاهما يحافظان على شكل طبيعي للرأس وحتى خلال إرضاع الطفل بالقارورة وعلى الأم أن تجبره على بذل جهد أكبر لالتقاط حلمة الرضّاعة وعليها تغيير وضع الرضاعة مرة في الجانب الأيمن وأخرى في الأيسر وهذا كله يساعد على تقوية وشد العضلات والأنسجة الضامة في أوتارها وبالتالي يعطي تشكيلا طبيعيا للرأس والتقاء عظام الجمجمة والأمر الآخر هو الاستلقاء على البطن وعلى الأم أن تجعل طفلها يستلقي على بطنه ست مرات في اليوم على أقل تقدير، طالما تحمل الطفل ذلك وحتى لو كان طول المرة الواحد نصف دقيقة وهذا الاستلقاء على البطن لن يخفف فقط ذلك الضغط الذي أصاب خلفية الرأس، بل سيفيد عضلات عنق الطفل ويعطيها تمرينا يزيدها قوة وقدرة على التوازن في الحركة والسكون وبالتالي سيساعد بطريقة لا يتوقعها كثير من الأمهات في حفظ الشكل الطبيعي للرأس. وعلى الأم ملاحظة أن كثيرا من عضلات الرقبة ملتصقة في جوانب الرأس والوجه، ولذا فإن قوة تلك العضلات وتوازنها على الجانبين، سيساعد على حفظ التوازن في شكل الرأس والوجه وأثناء نوم الطفل على الأم أن لا تضع الطفل طوال الوقت مستلقيا على الظهر، بل من آن لأخر عليها تحريكه لينام على إحدى جنبيه. وكذلك عليها أن لا تدعه يجلس لفترة طويلة في «مقعد الطفل» في السيارة أو على «مقعد الأكل». وعند حمل الطفل، عليها الاهتمام بتوازن حركة رقبته ورأسه وإعطاؤه شيئا من الراحة على كتف الأم، كلها تمارين لتقوية عضلات الرقبة والرأس ”
وهكذا هي الحياة يتضارب فيها القديم بالحديث والشعبي بالصحي ويظل الإنسان يبحث عما يفيده من هذا وذاك وكثيرا ما يطرق الإنسان كل الأبواب حتى لو لم يكن يؤمن بها فقط بحثا عن العلاج والمراخ لم يكن مشهورا ومتداولا حتى اليوم إلا لأن أناس بالفعل تؤمن به وتستفيد منه رغبة في حياة أفضل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى